في الوقت الذي كانت تشهد فيه أفريقيا والمغرب الأوسط أحداث دامية بين عرب بني هلال وبني سليم والزيريين وبين الزيريين والنورمان ظهر في جنوب المغرب الأقصى بالقرب من نهر السنغال المرابطون الذين شكلوا قوة هائلة استطاعت أن تستحوذ على بلاد المغرب تلأقصى وكونت لها دولة بثت الروح والقوة في عالم الغرب الإسلامي الذي كان يعاني في تلك الفترة من الاضطراب السياسي والتمزق الاجتماعي وتكالب الأعداء سواء كان ذلك في المغرب أو في الأندلس.
ينتمي المرابطون بأصولهم إلى قبيلة صنهاجة البرنسية التي لم تكن مجرد قبيلة بل كانت شعباً كبيراً يتألف من قبائل كثيرة وحتى انتشرت في بلاد المغرب انتشاراً بعيد المدى وقد ألت إليها زعامة البرانس بصفة عامة بعد أوربه التي كانت تسود زمن الفتح الإسلامي وتملك منها أولا صهانجة الشمال مؤسسة دولة بني زيري ثم صنهاجة الجنوب الذين أسسوا دولة المرابطين.
وقد تميز المرابطون بما تميز به البدو من صفات جسمانيو ومعنويو أهلتهم لأن يسودوا المغرب والأندلس بعد أن نظموا أنفسهم واتحدت كلمتهم على يد قبيلة لمتونة ثم جدالة.
وفوق بنيتهم الجسماتية القوية امتازوا بالشجاعة الفائقة والقدرة على تحمل المشاق ووفرة النشاط وكانوا ذوي جلد على الكفاح والمقاومة وأشد الناس صبراً على الحروب وقد أهلتهم حياة التنقل والارتحال وسرعة الترحل والانقضاض على الأعداء وعدم التعلق بمستقر أو مكان محدد بل أنهم دائماً تجذبهم مواطن الخصب والنماء بخيراتها أهلهم كل ذلك القيام بفتوحات على نطاق واسع.