لا يستطيع الفرد أن يعيش وحده فلابد أن يعيش في جماعة فليست للفرد استقلالية في حاجاته، وقد شعر الإنسان البدائي بضرورة الحياة في جماعة وبضرورة التعاون بين أفراد تلك الجماعة وهكذا يكتشف العلماء أن الفرد منذ القدم عاش في مجموعة.
وقد تحدث العلامة ابن خلدون، عن هذه الظاهرة في مقدمته الشهيرة حيث قال: “إن الاجتماع الإنساني ضروري ويعبر عنه الحكماء بقولهم إن الإنسان معنى بالطبع أي لابد من الاجتماع الذي هو المدينة في اصطلاحهم.
وهو معنى العمران وبيانه أنه الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء وهذه طبيعة بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من الغذاء غيؤ موفية له بمادة حياته منه.
ولو فرضنا في أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلا فلا يحصل هذا إلا بعلاج كثير من الطحين والعجين وكل واحد من هذه الأعمال يحتاج إلى آلات لا تتم إلا بصناعات معددة من حداد ونجار فهب مثلا أنه يأكل حبا من غير علاج فهو يحتاج في تحصيله إلى أعمال أخرى أكثر من غيره من ناحية الزراعة والحصاد والدارس الذي يخرج الحب من غلاف السنبل ويحتاج كل واحد من هذه إلى آلان متعددة وصناع كثيرون ويستحيل أن يوفي الفرد بنفسه فقط كله أو بعضه فلابد من اجتماع الكثير من أبناء جنسه ليحصل على القوت له ولهم كما أن كل واحد من هؤلاء يحتاج في الدفاع عن نفسه إلى أبناء جنسه.
