فهم المصري القديم أن نهر النيل يأتي بفيضان عظيم يستمر لعديد من الأيام كل عام ويبلغ ذلك الفيضان من القوة والوفرة ما يؤدي إلى إزاحة وتدمير وإغراق كل ما يعنرض سيله ومن هنا لجأ المصريون إلى إقامة تجمعاتهم السكانية بعيداً عن مجرى النهر على تلك الحافة التي تفصل بين المنطقة الخضراء وبين الصحراء.
هكذا شيدت المدن القديمة التي تم الكشف عنها في مناطق العمري قرب حلوان والبداري فى أسيوط ومرمرة غرب الدلتا وجرزة بالفيوم ونجادة بالوجه القبلي تلك التجمعات السكانية التي ترجع إلى خمسين قرناً قبل الميلاد والتي كونت أول مدن وأقاليم مصرية عرفها التاريخ.
وهذا التقدم الحضاري وتلك التجمعات السكانية لا يتصور وجودهما إلا مع وجود تنظيم اجتماعي وهيكل سياسي وقواعد قانونية، فالقانون هو قوام الجماعة البشرية إذ حيث يوجد التجمع البشري يوجد القانون.
وعلى هذا فمن المنطق أن نقول كما أن تلك الحضارات والمدنيات القديمة قد ثبت وجودها على طول وادي النيل في تاريخ يرجع إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاظ فإن تنظيما قانونياً مصرياً لابد أن يكون قد صاحبها في تلك الحقبة الزمنية.
ويبدأ منذ ذلك الحين وجود قانون مصري يسير جنباً مع وجود المجتمع المصري وتطوره إلى أن ينتهي العصر الذي دام خلاله لمصر استقلالها السياسي.