تعتبر الهضاب الصحراوية الجرداء التي تحيط اليوم بوادي النيل لم تكن على هذه الحال في تلك الأزمنة البعيدة بل كانت خضراء تعج بالحياة قبل لجوء الناس إلى سكن الوادي نفسه.
وقد دلت الكشوف الأثرية على أن الإنسان القديم قد سكن الصحراء الغربية وامتد فيها غربا حتى المناطق الموجودة حاليا في الصحراء الجزائرية كما أن تلك الكشوف دلت كيف كانت هذه المناطق التي سكنها الإنسان القديم مليئة بالأشجار والغابات وتكثر بها الحيوانات والطيور ومظاهر الحياة.
ولكن التطور الجغرافي الذي صاحب انحسار البحر الأبيض عن شمال مصر تاركاً العديد من البحيرات التي ضمنت الحياة للعديد من الحيوانات وبالتالي من البشر وكذلك توصل نهر النيل إلى شق مجراه المعروف حالياً عبر الصخور الجرانيتية الصلبة في منطقة النوبة.
كل هذا مع عدم اهمال عامل طبيعي آخر هو الجفاف التدريجي الذي بدأ في الانتشار في الهضبة الغربية وهكذا بدأت منطقة وادي النيل الحالية تظهر بمهظر بؤرة الحياة البشرية في المنطقة وبالتالي القطب الذي يجتذب السكان الذين ضاقت بهم الهضبة الغربي.
كما أن الحفريات التي قام بها العلماء في الدلتا ووصلوا فيها إلى أعماق تبلغ الثلاثين متراً تحت الطمي المتراكم عثر على آثار الأدوات التي استعملها السكان القدامى، وعندما قام هؤلاء العلماء بحساب تاريخ صنع الأدوات معتمدين على معدلات تراكم الطمي تدريجياً فوجودا أن الإنسان الذي صنع تلك الأدوات كان يسكن هذه المنطقة من الدلتا في مدة ترجع إلى ستة عشر ألف سنة.