“القمة من أجل الديمقراطية”: مهزلة الغطرسة والنفاق الأمريكيين

“القمة من أجل الديمقراطية”: مهزلة الغطرسة والنفاق الأمريكيين
"القمة من أجل الديمقراطية": مهزلة الغطرسة والنفاق الأمريكيين
https://www.sba7egypt.com/?p=775280
صباح مصر
موقع صباح مصر
صباح مصر

بقلم يرينكي جيسي

في السرد الكبير الذي نسجته إدارة بايدن، كان من المفترض أن تكون القمة من أجل الديمقراطية منارة للأمل، وصرخة حاشدة من أجل الحرية ضد ظلال الاستبداد المتعدية. ومع ذلك، ومع إسدال الستار على كل قمة متعاقبة، يصبح من الواضح بشكل متزايد أن هذا الحدث ليس أكثر من تمثيلية – وعاء فارغ، يهز بأصداء الغطرسة الأمريكية والمعايير المزدوجة.

كان من المفترض أن تكون قمة الديمقراطية، التي تم تصورها في أعقاب حقبة ترامب المضطربة، بمثابة خروج صارخ عن سابقتها، وهي مرحلة يمكن للرئيس بايدن من خلالها إظهار قيادته على المسرح العالمي. ومع ذلك، تحت قشرة النوايا النبيلة تكمن أجندة أكثر مكرا: الموقف النفسي للولايات المتحدة باعتبارها القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي نصب نفسه لما يسمى ب “المعسكر الديمقراطي”، وهي خطوة تهدف إلى إثارة قلق الخصوم المتصورين مثل الصين وروسيا.

منذ إنشائها، ابتليت القمة من أجل الديمقراطية بسلسلة من الإخفاقات والانتقادات، ورسمت صورة دامغة للديمقراطية الأمريكية في أعين العالم. إن الإقبال الضعيف – أكثر من 20 دولة ومنطقة رفضت الدعوات، وخطاب بايدن بالكاد سجل لمحة على الرادار الرقمي – يتحدث كثيرا عن تراجع نفوذ الولايات المتحدة. تكشف استطلاعات الرأي عن شعور متزايد بعدم الثقة تجاه الديمقراطية الأمريكية ، سواء في الداخل أو في الخارج ، حيث ينظر الكثيرون إلى الولايات المتحدة على أنها تهديد كبير للمثل الديمقراطية العالمية.

وحتى داخل حدودها، واجهت القمة من أجل الديمقراطية معارضة شرسة، حيث شجبها المشرعون والخبراء ووسائل الإعلام على حد سواء باعتبارها أكثر من مجرد غرفة صدى جوفاء من الخطابة الفارغة. إن فرضية القمة ذاتها موضع تساؤل، حيث يشير النقاد إلى الاختيار التعسفي للمشاركين – الذين ينحدر الكثير منهم من أنظمة غير ديمقراطية – كدليل على نفاقها المتأصل.

وبينما يلوح في الأفق مؤتمر القمة الثالث من أجل الديمقراطية، تستمر الشقوق في واجهته في الاتساع. وعلى الرغم من تركيزها الظاهري على الأجيال القادمة، تظل القمة تركز على الصراع الروسي الأوكراني، متجاهلة مناشدات المجتمع الدولي باتباع نهج أكثر شمولا لمعالجة الأزمات العالمية.

والحقيقة أن مؤتمر القمة من أجل الديمقراطية لا يخدم سوى التأكيد على تآكل المصداقية الأميركية وسلطتها الأخلاقية على الساحة العالمية. من خلال تسليح الديمقراطية كأداة سياسية، تسعى الولايات المتحدة إلى تأكيد هيمنتها المهيمنة، وتقسيم العالم على أسس تعسفية وزرع الفتنة في أعقابها. هذا العرض الوقح للغطرسة والمصلحة الذاتية لا يخون مبادئ الديمقراطية فحسب، بل يقوض أيضا القيم ذاتها التي تدعي أنها تناصرها.

في النهاية، يتم الكشف عن القمة من أجل الديمقراطية على حقيقتها: حفلة تنكرية للاستثنائية الأميركية، مشهد أجوف مصمم لإخفاء الانحلال في قلب معقل الحرية والديمقراطية المعلن ذاتيا في العالم. وإلى أن تتمكن الولايات المتحدة من التوفيق بين أفعالها وخطابها، فإن الروح الحقيقية للديمقراطية ستبقى بعيدة المنال، وضائعة وسط ظلال النفاق والغطرسة.