ماذا فعلت الحرب بالأطفال ؟

ماذا فعلت الحرب بالأطفال ؟
الحرب
https://www.sba7egypt.com/?p=192459
شيماء اليوسف
موقع صباح مصر
شيماء اليوسف

عاشت الأديبة البيلاروسية، سفيتلانا ألكسييفيتش، الجائزة على جائزة نوبل لعام 2015م، مسيرة أدبية يزيد عمرها على الثلاثين عاماً، أخذت على عاتقها مهمة أن تستنطق من كمم التاريخ أفواههم في الحروب والكوارث، من خلال توثيق شهاداتهم في إطار أقرب إلى التحقيق الصحفي.

 

لم تتخذ سفيتلانا ألكسييفيتش، من التاريخ وسيلة من وسائل عدتها الكتابية أو تتقنع به على نحو ما نراه الرواية التاريخية إنما حاولت أن تبني تاريخاً موازياً للتاريخ الرسمي التقليدي تاريخاً إنسانياً يحمل هم المهمشين وأوجاع المقهورين.

لقد اتجهت سفيتلانا ألكسييفيتش، بأدب الحرب وءبطالها المبرزين ولم يشغلها أمر الغارات والطلعات والمدافع أو أخبار النصر والهزيمة، إنما عنيت في المقام الأول وربما الأخير بتاريخ الروح وما علق بالنفس الإنسانية من أثر المعارك، الحدث نفسه لا يعنيها إلا باعتباره محركاً أو مثيراً لها ليحركها لتتبع أثر هذا الحدث الجلل على هذا الإنسان، صغيراً كان أم كبيراً لذلك أطلقت على نفسها مؤرخة النفس والروح.

لم تكتب سفيتلانا ألكسييفيتش، عن الحرب كما اعتاد أن يكتب المؤرخون ولا كما اعتاد أن يكتب الأدباء من الرجال، بل تكتب عن الإنسان في الحرب الإنسان المنسي الذي يعتقد أنه يعيش على هامشها ولا يشارك فيها لكنه يتجرع مرارتها.

اهتمت سفيتلانا ألكسييفيتش، بتاريخ العواطف والمشاعر المتأججة بفعل الحرب، وليس الأمر مجرد جمع لشهادات بشر كانوا أطفالاً إنما يتعلق بتجربة إنسانية بعيدة زمانياً وغائرة في الذاكرة فقد استغرقت كتابة تلك الشهادات ما يزيد على خمسة وعشرين عاماً تمتد من 1978 وحتى 2004م، يضاف إلى ذلك البعد الزمني الممتد لأكثر من عقدين عن الحرب التي يدلون بشهاداتهم حولها.

ماذا فعلت الحرب بالأطفال؟ هذا السؤال الجوهري تطرحه أصوات الأطفال أو ما كانوا أطفالاً في أثناء الحرب التي انتهت بمنتصر وخاسر، لكنها لم تنته بالنسبة إليهم وتركت في نفوسهم ندوباً لا تحمى واضطرابات نفسية ومخاوف يصعب تجاوزها ذلك أن الخوف من الحرب أسوأ من الحرب نفسها، فقد صنعت الحرب من هؤلاء الصبية أطفالاً من نوع أخر، فالبشر الذين لم يشاهدوا كيف يقتل الإنسان أخاه الإنسان بشر من نوع أخر.