“كشف الجهاز” .. وثيقة الجدل التي تسبق وثيقة الزواج بدمياط … صور

“كشف الجهاز” .. وثيقة الجدل التي تسبق وثيقة الزواج بدمياط … صور
القائمة
https://www.sba7egypt.com/?p=135930
صباح مصر
موقع صباح مصر
صباح مصر

كتبت: نجلاء بدر 

“استلمت أنا الموقع على هذا أدناه ، جميع الأصناف المدونة بهذا الكشف، على أن تكون طرفي لوقت الطلب لزوجتي ، و أن أتعهد بالمحافظة عليه محافظة تامة، وكما أنني ملزم بتسليمها الجهاز المذكور متى شاءت سواء لها أو لمن ينوب عنها في الإستلام “.. تذيلت هذه الأسطر العديد من االوثائق التي دائمًا ما يتم تجهيزها مع كل مرة يتم فيها إبرام وثيقة زواج بمحافظة دمياط، وتعرف بما يسمى ” القائمة” .

 

وعلى مدار السنوات أحدثت قائمة المنقولات بمضمونها حالة من الجدل الواسع بين الأهالي بالمحافظة، إذ توافقت العديد من الأراء على أنها واجبة ولكن وفق ضوابط معينة، و البعض يصنفها كعرف سائد غير قابل للنقاش، بينما تطالب فئة أخرى بإلغائها نهائيًا.

كشف الجهاز

تعرف قائمة المنقولات في محافظة دمياط، بـ”كشف الجهاز”، وكان منذ عدة سنوات يُكون من ورقتين أو ثلاث ورقات مكتوبة بخط اليد ، يقسمن إلى أربع خانات، هم خانة التسلسل، والصنف، وعدد المتوفر من الصنف الواحد مثبوتًا بالأرقام والكتابة، ثم فيما بعد تم طباعة كشف الجهازعلى الكمبيوتر وكتابته بطريقة أكثر نظامًا وتفصيلًا.

وتختلف مشتملات وقيمة  قائمة المنقولات من مدينة لأخرى داخل المحافظة ، من حيث كم المحتويات المثبتة بها، بينما لا تختلف في الكيفية إختلافًا صارخًا، إذ تقدر قيمة كشف الجهاز في محافظة دمياط بمبلغ مالي يبدأ من 300 ألف جنيهًا وحتى النصف مليون جنيه.

الريف كعبه عالي على الحضر

تعتبر مدينة دمياط، ودمياط الجديدة، ورأس البر، الأقل تكلُفًا في محافظة دمياط، إذ يشمل فيهم كشف جهاز العروس، مشتملات حجرة النوم، وغرفتي السفرة والمعيشة، وغرفة إستقبال الضيوف بمشتملاتهم ، كما تتضمن القائمة كافة محتويات المطبخ وأدوات الطهي، و مفروشات مسكن الزوجية بالكامل، ما قامت بشرائه العروس ، وما قام العريس بشرائه، و بعض العلائلات تضيف بند أخير في القائمة، يحدد خلاله ثمن الشبكة ويتم تحديدها بالجرام أو بالقيمة المادية حسب اتفاق أهل العروسين.

بينما تختلف تفاصيل قائمة المنقولات نسبيًا، في مراكز فارسكور، والزرقا، ومدينة السرو، وكفر سعد، وكفر البطيخ، ففي تلك المراكز التي تتميز بالطابع الريفي ، يتم المبالغة في جهاز العروس بشكل كبير، قد يصل أحيانًا إلى ضعف ما تشمله القائمة في المدن، كما يتطلب أهل العروس من الزوج في أغلب المراكز والكفور، التوقيع على عدد من إيصالات الأمانة الفارغة أى “على بياض”، أوإيصالات أمانة  تقدر بمبالغ مالية طائلة، بالإضافة إلى قائمة المنقولات لضمان حق العروس، لذلك فمن الشائع في بعض القرى الريفية رفض الأهالي تزويج فتياتهم خارج القرية، معللين ذلك بمقولة دارجة وشهيرة بين سكانها تصف الريف بأنه ” كعبه عالي” على الحضر.

شوكة في ظهر الرجل وأمان للسيدة

وتحكي داليا عبد الفتاح، مطلقة، قصتها مع قائمة المقولات قائلة ” نادمة على عدم إجبارعائلتي زوجي السابق على توقيع قائمة للمنقولات ، لقد أخلص والدي النية الطيبة عند زواجي ولم يشترط كتابة قائمة بالمنقولات، لأنه توسم الخير في زوجي -أنذاك-، وكانت عائلتي من أنصار فكرة أن من منحوه ابنتهم التي تمثل لهم أغلى شيء في الدنيا، بالتأكيد لن يشكوا في أمانته على قطع الأثاث” .
وتتابع ، بعد خلافات عديدة بيني وبين زوجي وصلت إلى الإهانة اللفظية والضرب المتكرر، طلبت الطلاق وعندما طالبته بحقي في المنقولات قال ” مالكيش عندي أبيض ولا أسود”، و أجبرني على ترك الشقة بما فيها ولم أحصل حتى على ملابسي أو ملابس أولادي .

وأضافت داليا،ما زلت أؤيد رأي عائلتي وكل العائلات أشباههم ،في أن ابنتهم أغلى من قطع الأثاث و المفروشات، ولكن لا أجد تضارب بين هذا وبين كتابة قائمة منقولات فهي أمان للزوجة وضمان لحقها، ” ضيعت من عمري أجمل 5 سنين فيه ، وفي الآخر زي ما روحت زي ما جيت” .. هكذا اختتمت قصتها.

وتستغنى بعض العائلات الكبيرة والعريقة في محافظة دمياط عن كتابة قائمة المنقولات نهائيًا، وهو أمر شائع في مدينة عزبة البرج، بحجة تزويج الفتيات إلى أقاربهم سواء أبناء العمومة أو الخال، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى ضياع حق الزوجة، وتروي مي محمد، تجربتها قائلة ” تزوجت ابن عمتي لعامين وكان زواجًا تقليديًا و حدثت بيننا مشاكل عديدة لم تنجح العائلة في إحتوائها ووصلنا معًا غلى طريق مسدود ” .

وأضافت مي، على الرغم من مساهمة أبي في شراء نصف محتويات منزل الزوجية بالمشاركة مع زوجى لمن أحصل عند الإنفصال إلا على بعض قطع الأثاث والتي تعتبر أقل من نصف الجهاز الذي اشترته عائلتي من الأساس، ورفض زوجي السابق منحنا نصف الأثاث الذي هو ملك لنا من الأصل، كما تجاهل حقي الشرعي في المهر، والذي كان منتفق عليه فيما بيننا أنه كل ما يحتويه المنزل وحصلت على مقابل زهيد قبلت به فضلًا عن خسارة كل شيء “.

” القائمة شوكة في ظهر الرجل” .. بهذه الكلمات عبر محمد عبد الغفار، مطلق ، عن رفضه لفكرة إجبار الزوج على توقيع قائمة المنقولات، ويطالب بإلغائها نهائيًا بسبب تجربته التي وصفها بالمريرة والسيئة.

ويقول محمد ” بعد عشر سنوات من العمل و الكفاح لتوفير مسكن وتجهيزه ، تعرفت على زوجتي عن طريق إحدى زميلاتي في العمل، وبعد عدة أشهر تزوجنا وكانت الامور تسير على ما يرام في العام الأول من الزواج  ” .

ويضيف ” فوجئت بزوجتي تطلب مني الطلاق بعد مرور شهرين من العام الثاني من زواجنا بدون أسباب مقنعة ، بعدما افتعلت العديد من المشكلات التافهة ،وعندما رفضت تطليقها رفعت ضدي قضية خلع ، وتمكنت من الإنفصال مني بقرار من المحكمة، ثم فوجئت بإقامتها دعوى تبديد منقولات تطلب فيها منقولاتها ومجوهراتها وكل شىء”.
واختتم محمد قصته قائلًا ” دفعت دم قلبي و تحويشة عمري  وشقا السنين لواحدة ماعشتش معاها غير سنة ومابتتقيش ربنا “.

مبادرات ومطالب

في شهر يونيو من عام 2017 أطلق أهالي وشباب قرية شرباص التابعة لمركز ومدينة فارسكور بدمياط، مبادرة لتخفيض نفقات الزواج، ووضع آلية لتنفيذ مبادرة لمواجهة ارتفاع تكاليف الزواج والمغالاة فى المهور ، وشملت المبادرة مطالبات من الشباب لكبار القرية بكتابة نسخة موحدة من قائمة المنقولات و تعميمها على جميع حالات الزواج في القرية، للحد من مبالغات بعض العائلات في طلبات الزواج وما تشمله قائمة المنقولات فى ظل ارتفاع الأسعار وقلة الدخل وزيادة ضغوط الحياة وارتفاع معدلات البطالة.

وكان من أهم المقترحات التي طرحها الشباب التخلي عن حجرة السفرة ومشتملاتها من النيش وخلافه والاقتصار على شراء الضرورى من الأجهزة الكهربائية والمنزلية، وإلغاء حفل عشاء ليلة الحنة وتقليل فرش عدد الحجرات قدر المستطاع لتخفيف الأعباء على الشباب والمقبلين على الزواج.