مضى من عمرها أربع وثمانين عام وصوتها يجعلنا نشعر أنها لازالت فتاة الأمس، نغماتها التي تعانق الشتاء مع شرشفة الصباح وبهجة النهار وسهاد الليل المسكون بالأناقة كله يصب في كأس أغنياتها الهادئة، وفي أحضان ليلة ساهرة ممزوجة بنكهة القهوة لا يتسنى لنا إلا أن نستمع لصوت قيثارة السماء فيروز.
في ذكرى ميلادها تظل أسطورة العرب هي عصفورة الأغنية الكيلاسيكية، ويبقى صوتها الملائكي قصيدة حب لجموع العاشقين، فيروز سفيرة الأحبة للنجوم، وصوت الحب للمحبين.
أطفأت الفنانة اللبنانية فيروز، أربعة وثمانين شمعة من عمرها، مضت كل تلك الشموع بعد أن كللتها بالنسمات الفنية العطرية العامرة بالإنجازات، وبعد كل هذه السنوات البعيدة لازال صوتها يحمل كل أسباب البقاء والصمود.
ولدت فيروز يوم الحادي والعشرين من نوفمبر لعام 1935م، اسمها الحقيقي “نهاد وديع حداد” نشأت وترعرعت في حي زقاق البلاط في العاصمة اللبنانية بيروت، كانت والدتها ربة منزل بسيطة ووالدها عامل بإحدى المطابع، إذ عاشت وسط أسرة فقيرة محدودة الدخل لكنها ثرية بكنز فني أنيق، وكانت هي أول مولود في الأسرة.
عندما أكملت فيروز العام الثاني عشر من عمرها، سارعت بالإنضمام للإذاعة اللبنانية، كانت تلك الخطوة بعد أن لفتت أنظار أهل الحي وفي مدرستها لصوتها النادر، بالرغم من رفض والدها في بداية الأمر ، ولكن الموسيقار السوري محمد فيلفل استطاع أن يقنع والدها بأنها تغني الأغنيات الوطنية فقط ، فانضمت في الكورس بالإذاعة اللبنانية تحت قيادة محمد فليفل، وكانت تتقاضى 100 ليرة في الشهر.