قافلة دعوية كبيرة بمساجد إدارة أوقاف محرم بك للحديث عن فهم مقاصد السنة النبوية

قافلة دعوية كبيرة بمساجد إدارة أوقاف محرم بك للحديث عن فهم مقاصد السنة النبوية
قافلة دعوية كبيرة بمساجد إدارة أوقاف محرم بك للحديث عن فهم مقاصد السنة النبوية
https://www.sba7egypt.com/?p=54932
Admin
موقع صباح مصر
Admin

برعاية كريمة من الشيخ محمد العجمى وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية تتوجه صباح اليوم قافلة دعوية كبيرة لأداء خطبة الجمعة بمساجد إدارة أوقاف محرم بك تحت عنوان :-
فهم مقاصد السنة النبوية ضرورة عصريةلمواجهة الجمود الفكرى.

وذلك تنفيذا لتوجيهات الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بنشر مقاصد السنة النبوية المطهرة وبيان مابها من التوجيهات الربانية التى تتقدم بها الأمم.

وقال العجمى إن مقاصد السنة النبوية هي جزء مُتمِّم، وشريك مُكمِّل لمقاصد الشريعة بشكل عامًّ، وكلُّ مقصدٍ تمَّ استنباطُه وتقريرُه إنَّما مرجعه في الأساس إلى القرآن والسنة، فكلاهما أصلٌ في تقريرِ قواعد هذا العلم، وتحديدِ ملامِحِه وحدودِه وأهدافِه، ووضعِ ضوابطِه ومعاييرِه، وبيانِ آلياتِه، ووسائلِ تطبيقه.

و مقاصد السنة النبوية هي جزء مُتمِّم، وشريك مُكمِّل لمقاصد الشريعة بشكل عامًّ، وكلُّ مقصدٍ تمَّ استنباطُه وتقريرُه إنَّما مرجعه في الأساس إلى القرآن والسنة، فكلاهما أصلٌ في تقريرِ قواعد هذا العلم، وتحديدِ ملامِحِه وحدودِه وأهدافِه، ووضعِ ضوابطِه ومعاييرِه، وبيانِ آلياتِه، ووسائلِ تطبيقه.

 

و أوضح العجمى أن الحديث عن “مقاصد السنة النبوية” لا نقصد من ورائه الفصل بين “مقاصد السنة” وبين “مقاصد الشريعة” أو حتى التَّمييز بينهما، وإنما قَصَدْنا إلى إبراز هذا الجانبِ من السنة النبوية المشرفة؛ ليتَّضح للجميع شمولُها واتِّساعُها واستيعابُها لكلِّ أركان الشريعة، وعلى هذا، فإنَّ الحديث عن “مقاصد السنة” هو نفسه الحديث عن “مقاصد الشريعة” بشكل عام، إذ هما في النهاية تعبيرٌ عن أمرٍ واحد، ويتَّضح ذلك جلِيًّا من خلال المباحث التي نتناول من خلالها “عظمة مقاصد السنة”، والذي نبدأه بتمهيدٍ عن تعريف مقاصد السنة، وأقسامِها كما يلي:

مفهوم مقاصد السُّنة النبوية:

يطلق مصطلح “مقاصد السُّنة النبوية” على الأهداف “العامة” التي تسعى السُّنة إلى تحقيقها في حياة الناس، ويطلق أيضاً على الأهداف “الخاصة” التي شُرِعَ لتحقيق كلٍّ منها حُكم خاص.

أقسام المقاصد في السُّنة النبوية:

تنقسم المقاصد في السنة النبوية إلى قسمين:

1- مقاصد عامة: تتحقق فيها مصالح الخلق جميعاً في الدنيا والآخرة، من خلال جملة أحكام الشريعة الإسلامية.

والسُّنة النبوية المباركة قامت على أصولٍ وكلياتٍ عامة، تُحقِّق في مجموعها، الحِكمة، والسماحة، والاتزان، والاعتدال، ومسايرة الفِطرة الإنسانية، والواقع المعاش، والصلاحية للتطبيق، ويُسر التكاليف، ومراعاة اختلاف الأمزجة، والميول، والرغائب، وإقرار الأمن والسلام، والحرص على تطبيق العدل والمساواة والحرية، وصون الكرامة الإنسانية، وهذا ما يسمِّيه العلماء: المقاصد العامة.

2- مقاصد خاصة: وهي الأهداف التي تسعى السُّنة إلى تحقيقها في مجال خاصٍّ من مجالات الحياة؛ كالنظام الاقتصادي، أو الأسري، أو السياسي… إلخ، وذلك عن طريق الأحكام التفصيلية التي شُرِعت لكلِّ مجال على حدة.

وعن فوائد معرفة مقاصد السنة قال العجمى :-

في معرفة مقاصد السُّنة النبوية فوائد كثيرة، من أهمِّها:-

1- أنها تدل على كمال التشريع وشموله في السنة النبوية؛ أمَّا كمالها؛ فلأنَّها بُنيت على مقاصد رفيعة في كلياتها وجزئياتها، ولا ريب أنَّ الحكم إذا كان عن مَقْصَدٍ وعِلَّةٍ وفائدةٍ فإنه كمال، خلافاً لما كان عَارِياً من ذلك.
قال ابن القيم – رحمه الله: (إنه سبحانه حكيمٌ لا يفعلُ شيئاً عبثاً، ولا لغيرِ معنًى ومصلحة وحكمة، هي الغاية المقصودة بالفعل، بل أفعالُه سبحانه صادرة عن حِكمة بالغة لأجلها فعل، كما هي ناشئة عن أسباب بها فعل، وقد دل كلامه وكلام رسوله على هذا)[8]. وقال أيضاً: (إنَّ كلَّ ما خلقه وأمر به: فله فيه حكمة بالغة، وآيات باهرة؛ لأجلها خَلَقَه وأمَرَ به)[9]، والسنة النبوية هي في حقيقتها تعبيرٌ عن هذه الإرادة الرَّبانية والمشيئة الإلهية؛ إذ هي ممَّا أوحاه الله تعالى لنبيِّه، وتشريعاتُها ومقاصدُها كلُّها وِفْقَ إرادةِ اللهِ ومشيئتِه، ومن ثَمَّ جاءت مقاصدُها مُتَّسمةً بهذا الكمال الذي سببه الحكمة الربانية، ومصدره خالق البرية.

 

وأمَّا شمولُها؛ فلأنها استوعبت كافَّةَ المقاصد العامة والخاصة، التي يدركها العقل، أو يطلبها الواقع، أو يفرضها الحال، وذلك في كافة الأزمنة، ومختلف الأمكنة، فليس هناك مقصد من المقاصد العامة أو الخاصة والذي به يتمُّ استقرار البشرية وتتحقَّق سعادتها إلاَّ تجد له ذِكراً في السُّنة أو دليلاً، ممَّا يؤكِّد شمول السنة واستيعابها لما يحقِّق مصالح الناس في كل زمانٍ ومكان.

2- أنها تفيد معرفةً بمراتبِ المصالح والمفاسد، ودرجاتِ الأعمال في الشرع والواقع، وهذا مُهِمٌّ عند الموازنة وتزاحم الأحكام. كما قال ابن تيمية – رحمه الله: (والمؤمن ينبغي له أنْ يَعْرف الشُّرور الواقعة ومراتبها في الكتاب والسُّنة، كما يَعْرف الخيرات الواقعة ومراتبها في الكتاب والسُّنة، فيُفَرِّق بين أحكام الأمور الواقعة الكائنة، والتي يُراد إيقاعها في الكتاب والسُّنة؛ لِيُقَدِّم ما هو أكثرُ خيراً وأقلُّ شراً على ما هو دونه، ويَدْفع أعظم الشَّرَّين باحتمال أدناهما، ويَجْتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما، فإنَّ مَنْ لم يَعْرف الواقع في الخلق، والواجب في الدين: لم يَعْرف أحكام الله في عباده، وإذا لم يَعْرف ذلك كان قولُه وعملُه بجهل، ومَنْ عَبَدَ الله بغير علمٍ كان ما يُفْسِد أكثر مما يُصْلِح).

3- أنها نافعةٌ في تَعْدية الأحكام؛ كقياس فرعٍ على أصلٍ عُرِفتْ عِلَّتُه، وفي ذلك يقول الغزَّالي – رحمه الله: (الحكم الثابت من جهة الشرع نوعان:

 

أحدهما: نَصْب الأسباب عِللاً للأحكام؛ كجعل الزنا مُوجباً للحد، وجعل الجماع موجباً للكفارة، وجعل السرقة موجبة للقطع، إلى غير ذلك من الأسباب التي عُقِل من الشرع نصبها عللاً للأحكام.

والنوع الثاني: إثبات الأحكام ابتداءً من غير ربطٍ بالسبب. وكلُّ واحدٍ من النوعين قابل للتعليل والتَّعْدية، مهما ظهرتْ العلة المتعدِّية).

 

4 – أنها تزيد النَّفس طُمَأنينة بالسُّنة النبوية وأحكامها، والنفس مَجْبولةٌ على التَّسليم للحُكم الذي عُرِفَتْ عِلَّتُه[12]، قال ابن القيم – رحمه الله: (القرآنُ وسُنَّةُ رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – مملوءان من تعليل الأحكام بالحِكَم والمصالح وتعليل الخلق بهما، والتنبيه على وجوه الحِكَم التي لأجلها شَرَع تلك الأحكام، ولأجلها خَلَق تلك الأعيان، ولو كان هذا في القرآن والسُّنة في نحو مائةِ موضعٍ أو مائتين لَسُقناها، ولكنه يزيد على ألفِ موضعٍ بطرقٍ متنوعة).

أما عن مصالح الناس من حيث الأهمية فقال العجمى :-

إن مصالح الناس من حيث الأهمية تكون على ثلاث مراتب:

المصلحة الأُولى: الضَّرورية: وهي ما لا يستغني الناس عن وجودها بأيِّ حالٍ من الأحوال، قال الشاطبي – رحمه الله: (فأمَّا الضَّرورية فمعناها: أنها لا بد منها في قيام مصالح الدِّين والدنيا، بحيث إذا فُقِدَت لم تُجْرَ مصالح الدنيا على استقامة، بل على فسادٍ وتهارجٍ وفوت حياة).

 

ويأتي على رأس المصالح الضَّرورية: الكليات الخمس المُعتبرة شرعاً، وتُسمَّى الضَّروريات، وهي: الدِّين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، يقول الشاطبي – رحمه الله: (فالضَّروريات الخَمْسُ كما تأصَّلت في الكتاب، تفصَّلت في السُّنة) وفي قول الشاطبي دليلٌ على ما سبقت الإشارة إليه من كون المقاصد العامة للشريعة إنما هي مُستقاةٌ من الكتاب والسنة بلا فصل أو تمييز بينهما؛ فالقرآن أصَّلَ لها وأسَّس، بينما السُّنة فَصَّلَتْ وأبانت، وهذا التلازم بين القرآن والسنة مدعاةٌ للقول بأنَّ المقاصد العامة للشريعة الإسلامية قائمةٌ على أصلين من أصول التشريع وهما القرآن والسنة، بهما ارتبطت مصالح الناس وتحققت، فاستوعبا ما يحتاج إليه الناس من ضرورياتٍ تحفظ عليهم حياتهم، وأمنهم، واستقرارهم.

 

المصلحة الثانية: الحاجيَّة: وهي ما يحتاج الناس إليه لتحقيق مصالح هامة في حياتهم، يؤدي غيابها إلى المشقة واختلال النظام العام للحياة، دون زواله من أصوله؛ كما يظهر في تفصيلات أحكام البيوع، والزواج، وسائر المعاملات.

المصلحة الثالثة: التَّحسينية: وهي ما يتم بها اكتمال وتجميل أحوال الناس وتصرفاتهم؛ مثل الاعتناء بجمال الملبس، وإعداد المأكل، وجميع محاسن العادات في سلوك الناس.

يقول الشاطبي – رحمه الله – عن الحاجيات والتحسينيات – التي تُبرز كمالَ السُّنة النبوية وعدالتها وخلودها ووسطيتها: (وإذا نظرتَ إلى الحاجيات، وكذلك التحسينيات، وقد كملت قواعد الشريعة في القرآن، وفي السُّنة، فلم يتخلف عنها شيء، والاستقراءُ يُبَيِّن ذلك ويُسَهِّل على مَنْ هو عالِمٌ بالكتاب والسُّنة، ولَمَّا كان السلف الصالح كذلك قالوا به ونَصُّوا عليه، ومَنْ تشوَّف إلى مزيدٍ فإنَّ دوَران الحاجيات على التوسعة، والتيسير، ورفع الحرج، والرفق.
واختتم العجمى حديثه ببيان
إهتمام الشريعة الإسلامية بما يحقِّق هذه المصالح فيه عدَّة أمور:

أوَّلاً: الاهتمام البالغ برسم منهج حياةٍ متكاملٍ للبشرية قائمٍ على ما يُحقِّق لهم المصالح ويضْمَن لهم الحد الأدنى من الحياة الكريمة بقوة الشرع.

 

ثانياً: مراعاة الاختلاف والتنوع البشري، وهذا الاختلاف والتنوع يرتبط به اختلافٌ في القوة والضعف، ومن ثَمَّ ضَمِنَ الشرع تحقيق مصالح ضرورية، أكَّد عليها وغَلَّظَ في أحكامها وما يترتب عليها من أحكامٍ ضماناً لتحقيق نوعٍ من التوازن بين القوى الاجتماعية، والتي لو تُرِكت بلا رادعٍ من شرعٍ وعقاب لربما أدى إلى تناحرِ وتطاحنِ هذه القوى، ومن ثَمَّ عدم استقرار المجتمعات وانتشار الفوضى والصراعات.

اتفاق الأديان والعقلاء على “حفظ الضروريات الخمس”:

اتفق أهل الأديان السماوية وعقلاء بني آدم على أنَّ أهم ما يصلح به حال البشر حفظهم لأمور كلية خمسة، هي ما يُطلق عليه الكليات الخمس: “الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال”.

وللمحافظة على هذه الضَّروريات أقام الشَّرع حدوداً من العقوبات:

  • فحَدُّ الردة في مقابل “حفظ الدين”.
  • وحَدُّ القتل قصاصاً في مقابل “حفظ النفس”.
  • وحَدُّ الزنا في مقابل حفظ “النسب أو النسل”.
  • وحَدُّ شرب الخمر في مقابل “حفظ العقل”.
  • وحَدُّ السرقة في مقابل “حفظ المال”.
  • وحَدُّ القذف في مقابل “حفظ العِرْض”

أدلة الضَّروريات الخمس:

وتَرْجِع أدلة الضروريات الخمس إلى: الاستقراء التام لأدلة الشريعة “المُتَّفَق عليها” مع اتفاق العقول الصحيحة على ذلك.

يقول أبو حامد الغَزَّالي – رحمه الله: (وتحريم تَفْوِيْت هذه الأصول الخمسة والزَّجر عنها يَسْتحيل ألاَّ تَشْتمل عليه مِلَّة من الملل، وشريعة من الشرائع التي أُرِيْد بها إصلاح الخَلْق… وقد عُلِم بالضَّرورة كونها مقصودة للشرع؛ لا بدليل واحد وأصل معين، بل بأدلة خارجة عن الحصر).

 

وقال الشاطبي – رحمه الله: (اتَّفَقَتْ الأُمَّة، بل سائر المِلل: على أنَّ الشريعة وُضِعَت للمحافظة على الضروريات الخمس؛ وهي: الدين، والنفس والنسل، والمال، والعقل، وعِلْمُها عند الأمة كالضَّروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل مُعيَّن، ولا شَهِدَ لنا أصلٌ مُعيَّن يمتاز برجوعها إليه، بل عُلِمَتْ ملائمتُها للشريعة بمجموعة أدلةٍ لا تنحصر في بابٍ واحد).

وقد جاءت السُّنة النبوية المباركة بأحكامٍ وافية لحفظ هذه الضروريات الخمس سواء من حيث الوجود، إذ شرعت لها ما يحقق وجودها في المجتمع، أو من حيث البقاء والاستمرار بإنمائها وحمايتها من أسباب الفساد والزوال.