طرق استعمال المجاز في اللغة العربية

طرق استعمال المجاز في اللغة العربية
طرق استعمال المجاز في اللغة العربية
https://www.sba7egypt.com/?p=247708
شيماء اليوسف
موقع صباح مصر
شيماء اليوسف

كما أن العلمية الدلالية ليست قاصرة على اللفظ ومعناه فقط، بل ويدخل تحتها كل الملابسات المصاحبة التي تتعلق به وتعنيه، وكم لنا من لفظ في تطوره الدلالي تعدى حدود معناه الأصلي إلى ملابساته المحيطة، ونستعرض معاً محور خاص بالمجاز في اللغة العربية من رسالة الباحث ومعلم اللغة العربية بالسويس ابراهيم مصطفى محمد.

هذا وجه.. أما على وجه آخر فهناك حكمة حياتية شهيرة مفادها أن فاقد الشيء لا يعطيه، فبما أن اللفظ ليس موضوعا لهذا السياق وأنه في المجاز يستخدم في غير ما وضع له، إذن كيف نرجع وننتظر منه توالدا دلاليا جديدا ذلك الذي يعد قدس الأقداس في عملية المجاز؟!
لذلك يستوقفنا لفظ القمر، معناه الأصلي أنه جرم صخري يدور حول الكواكب في الفضاء، ضعه في مناسبة لم توضع له مع مراعاة معناه الأصلي مثلا وقل لها: “أنت قمر”، هل رأيت أي توالد دلالي فيما قيل من بعيد أو من قريب، وإنني ألمح ذلك القائل أن بقية التعريف تقتضي أن أقول لعلاقة بينهما وقرينة… إلى آخر التعريف.

الاستعمال المجازي وطريقته

أقول له: أن التقاءنا في العلاقة لأن القرينة استلزم سقوط الركن الأول من التعريف سقوطها بعملية حسابية بسيطة لأنها ببساطة رابطه، ولم يعد لنا معه سوى العلاقة التي ليست إلا محض أحد المعاني السياقية التي ورثها اللفظ يوما وكانت محفزة في باطنه تنتظر لحظة أن تولد من قبل الاستعمال المجازي، بمعنى آخر تنتظر إعادة اكتشافها.

وهذا ما كان، فإن القائل حين يخلو مع من أحب ليقول “أنت قمر”، هو لم يفعل شيئا إلا أنه استحضر دلالة الإضاءة الكامنة في بواطن القمر تلك التي تبعث فيه منذ الأزل شيئا من الطمأنينة والأنس وهذا ما كان وتلك هي العلاقة التي جاز إليها بعيدا عن المعنى الحقيقي.

الأفلام الكروتنية وعلاقتها باللغة العربية

كذلك لا نغفل القول أن أمام العقل الكثير وأمام اللفظ باع طويل يمكن أن يقفز بالكلمة إلى حدود التوجس والقلق الذي هو نقيض الخبرة النفسية الأولى وذلك باستحضار العقل أن اكتمال القمر تصحبه لحظة عواء الذئب في الافلام الكرتونية لأنه حيوان قمري، والعلاقة أن هذه العلاقة فيها ما يضره من قطيعة الحبيب ونهش آلام الذكرى لأحشائه فصار اللقاء به مبعثا للاضطراب.

ماهية المجاز وشرحه

فلم لا نصطلح بعد هذا كله أن المجاز” هو تعدي اللفظ حدود معناه الأصلي إلى معانيه التي بداخله استنادا على الخبرة الدلالية له التي جمعها طيلة استعماله؟ ”
أي أنه متى وجد في سياق يؤد طالما خبرته اللفظية تسمح له بالتفاعل مع معطيات السياق الذي فيه، وبمزيد من الوضوح إذا قلنا:

“الحبر في الورق، كالقمر في الليل”فما أمامنا أن لم يكن تعد من سيولة الحبر وصخرية القمر إلى: الجمال والكمال والفصاحة والوضوح والإبانة وإلى ما تشاء فيه من دلالات فليس من المجاز في شيء، ثم إن الحبر في السياق أمامي حاضر بشتى معانيه عدا أنه سائل، وحاضر القمر كذلك بكل ما يحتمل عدا أنه كوكب صخرى، ولو لم يصلا إلى مكانة تسمح لهما في مثل هذا السياق بالاستخدام من خبرة دلالية مشبعة لما كان.

فنجد أن المجاز هنا ما هو إلا إتاحة الفرصة لمعنى معين في اللفظ أو عدة معان للتعامل باسمه وذلك بمحق وتناسي المعنى الحقيقي، وإطلاق العنان لها في التصرف السياقي وإعطاء دلالات جديدة ثرية.

الملكوت السياقي في اللغة العربية

ولا يفوتنا القول بأن كل معنى ولد وحضر في هذا الملكوت السياقي لهو حقيقي أيضا ستكتب له دورة حياة دلالية ليحصل عندنا مبدأ التوالد الدلالي.

وإن المجاز – وهو مأخوذ على معيار التحرك الدلالي – له نوعان:
1 – مجاز قريب.
2 – مجاز بعيد.

تعريف المجاز القريب

فأما القريب: فهو انتقال اللفظ من معناه الناشئ فيه إلى المعنى التالي عن طريق الاستعمال وبطريقة خفية لا شعورية، العامل فيها هو الإدراك الذي يستنبط المعنى منه، كانتقال القمر من الإضافة إلى الائتناس بذلك الضوء، إلى الألفة والارتياح منه إلى الحسن، إلى آخره، ونلفت الانتباه إلى أن هذه العملية دون تدخل مباشر.
وبالمجمل.. فإن هذا النوع تحديدا يصنع والالتقاء الدلالي تماسا يفضي بشيوع استعمال اللفظة في عهد معين بمعنى معين.

تعريف المجاز البعيد

وأما البعيد: هو انتقال اللفظة بكامل ما حوت طاقتها الدلالية في إحدى مراحلها إلى سياق آخر تماما، وهو ما عنيناه في السابق، وتلك العملية عملية قصدية نصية تهدف إلى إثارة الذهن من التفاعل الجديد، بين معطيات اللفظ، ومعطيات السياق.

الصورة الموحية في المجاز

والمجاز ليس كما سيحسب من خلال السرد بالشيء السائح في سياقات اللغة، إنما يدفع إليه التعبير وحاجته إلى خلق الصورة الموحية، التي تعد حجر الزاوية في العمل الأدبي كما يزعم سيد قطب، وهو ذو دوافع وأثر، وقد وجه إبراهيم أنيس جل العملية البحثية في هذا الموضوع إلى الأثر الذي يخلفه المجاز في ذهن المتلقي.

المذهب الأسطوري

وإن رهافة الحس لعامل رئيس في هذا الشأن، لأن التكهن بماورائيات الألفاظ يحتاج ألمعية وخيالا خصبا أكثر من المخزون العادي، وتلك ربما تعد لقمة عيش الفنون التجريدية والسيريالية الحديثة، وقامت عليها مذاهب نقدية كالمذهب الأسطوري.

موقف تخيلي

فإنك لو تتخيل معي زائرا في متحف، تستوقفه لوحة رسمت بها بندقية تلتحف فوهتها بسعف النخيل، فإن هذه كيميائية دلالية بمعطيات شتى يمكنك الشروع في استنباط ما شئت من المعاني المتاحة خلف هذا السياق، وحسب خبرتك الشعورية ومزاجك الحالي.

 

إقرأ أيضا