رؤية نقدية حول نشأة علم الدلالة في اللغة العربية

رؤية نقدية حول نشأة علم الدلالة في اللغة العربية
ابراهيم مصطفى محمد
https://www.sba7egypt.com/?p=246947
شيماء اليوسف
موقع صباح مصر
شيماء اليوسف

يقدم الباحث ابراهيم مصطفى محمد، معلم لغة عربية بالسويس، رؤية نقدية حول نشأة وتاريخ الدلالة اللغوية، إن الخوض في نشأة الدلالة بمفهومها الواسع هو بالأحرى خوض في نشأة اللغة الإنسانية عموما، ذلك الذي لم تتفق عليه النظريات الحديثة ولو حتى بالترجيح لكفة على أخرى بسبب الحشد المقدم في الموضوع، ولم تخل نظرية من ثغرة قامت على أنقاضها الأخرى، وإن هذه النظريات اليوم اصبحت أغنى من ذكرها وتفصيلها.

أطوار وسيقات الألفاظ في اللغة العربية

وإن البحث في الدلالة على المنحى الواسع أيضا حتى ولو أمكن ليس بالشيء الذي سنجني منه كبير فائدة، وأفترض أن الأولى هو المضي في دراسة نشأة الدلالات بشكل خاص، أي دراسة نشأة دلالة”الخوف”، دلالة “الحب”، والسير خلف تطوراتها كل على حدى؛ فإن الدرس هنا سيزيد البصيرة بأطوار وسياقات الألفاظ التي مرت عليها الدلالة إلى أن تصل حتى ما عهدناها عليه، كما تزيدنا تبصرا بدرس التاريخ الإنساني، ذلك لأن الدلالات قد نراها غزت كل ما يجنح المرأ لفعله سواء كان عن عمد أو دون عمد، فنرى الآن أن القيمة العائدة من دراسة الدلالات وهي رهينة سياقاتها أولى وأعم فائدة من الركض خلف الدلالة الأم.

ويصطلح الدكتور إبراهيم أنيس على أربعة أركان ومقومات للغة الإنسانية بشكل عام، كما يصطلح سالم الخماش على ثلاث حلقات للدلالة اللفظية بشكل خاص، ويمكننا الحكم بأنه متى وجدت الأركان الأربعة، والحلقات الثلاث ثم تفاعلت مع بعضها البعض في إطار الاستدعاء والاستعمال نشأت دلالة وتكونت، وأركان اللغة عند الدكتور أنيس هي:

النظام اللغوي وعلاقته بالأعراف المجتمعية

1 – النظام: وهو ما يتيح للغة ومستخدميها أن يتبينوا يمينها من يسارها وما هو مذكرها وما هو مؤنثها وما هو حرفها وما هو اسمها وفعلها، وتندرج تحته عديد من الأنظمة كالنظام الصوتي والنحوي والصرفي ومن خلاله يتم العمل على تقعيد اللغة لغير الناطقين بها، ويبنى نظام اللغة على ما يقره الركن الثاني وهو العرف السائد في المجتمع.

ما هو تعريف العرف في اللغة؟

2 – العرف: وهو القالب الذي تتشكل اللغة حسبه، فما تصطلح عليه اللغة لا بدَّ وأن يكون مستقرا عليه ومتعارف عليه بين أهليها، فهناك اصطلاحات تسير في عرف غير معروفة في آخر، فإن شهادة الدكتوراة مثلا في القرن الحادي والعشرين هي وثيقة في عرف القرن الثالث عشر الميلادي، وهي ليست سوى ورقة في غياهب افريقيا.

ما هي المصطلحات العلمية في اللغة العربية؟

وإن العرف يوجه النظام اللغوي لتبني ما يقره من الدلالات والألفاظ، ويظهر ذلك بشدة حين يظهر علم جديد أو مادة جديدة أو مستحدث في تاريخ أمة من الأمم فإنه يسمى بشيء لصوق به قد تقترضه منها غيرها ربما على شاكلته دون تغيير، كالمصطلحات العلمية مثلا كما يشير إبراهيم أنيس بقوله” ومن الاقتراض الذي تدعو إليه الضرورة كثير من الألفاظ الثقافية التي تقتبسها أمة أقل ثقافة من الأخرى، وقد تم هذا في عصور سابقة ولا زلنا نشهده إلى الآن بين الأمم الحديثة، فقد اقتبست اللغات الأوروبية بعض المصطلحات العلمية من اللغة العربية مثل:
الكحول= Alcohol
الصفر = Zero
الجبر = Algebra
القلوي = Alkali”.
3 – الأصوات: فهي الباعث الأول للدلالة في اللغة عن طريق اللفظ، فيقول ابن جني”اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن حاجاتهم”، وإن الدلالة الصوتية جزء وثيق دقيق في دلالة ٱي لفظ، وإن كانت المناهج الحديثة تلتفت إلى بعض المكتوب كعلامات الترقيم والصيغ الصرفية والبناء النحوي كذلك الدلالات الإشارية، إلا أن صوت اللفظة هو ركن الزاوية، وهي أوضح وسائل النقل والتوجيه الدلالي بين البشر.

دلالات النظام الصوتي

والنظام الصوتي هناك من الأمم من عدته يحفظ حرمة اللغة مثل العرب المسلمين الذين قعدوا علما كاملا لحفظ لغتهم من اللحن والخلط بناء على القياس الوارد في الشعر وأسموه علم العروض وموسيقى الشعر، وإن العروض من جل مزاياه أنه وضع في حقبة تيسر فيها الأخذ عن اللسان العربي وهي الفترة التي تلت عصور الاحتجاج اللغوي وخيرة أعصر اللسانيات العربية مما يجعل فائدته تشكيل الكلام للناطق على النظام الصوتي للعرب.
4 – المجتمع: وتكفي الإشارة إلى أن المرأ لن يتكلم مع نفسه مثلا فتنمو اللغة من تلقاء نفسها، إنما هي مرسل ورسالة ومستقبل وأثر راجع وحلقات ودائرة اجتماعية تداول اللفظ وتحقق الشيوع له في السياقات اليومية مما يدعمه بالدلالات، فتكفي اللفظة أن تولد في مجتمع ما، فتقفز على الألسنة حتى تجني دلالاتها من الاستعمالات التي تساق إليها.

 

إقرأ أيضا