دراسة تكشف أصل الخبرة الدلالية للفظ في اللغة العربية

دراسة تكشف أصل الخبرة الدلالية للفظ في اللغة العربية
أصل الخبرة الدلالية للفظ في اللغة العربية
https://www.sba7egypt.com/?p=247687
شيماء اليوسف
موقع صباح مصر
شيماء اليوسف

تفتح أي مؤلف في علم ما من العلوم، تجد في أول صفحة ما بعد التمهيد والمقدمة يقول لك: تعريف كذا لغويا، ثم يمضي بك إلى تعريفه الاصطلاحي، ولا يعدو ذان التعريفان إلا أن يكون أحدهم هو المعنى الأصلي والناشيء المادي الذي ولدت معه الدلالة، والاخر هو استخدام سياقي لها ليس إلا، وهذا ما نوه عنه الباحث ومعلم اللغة العربية بالسويس، ابراهيم مصطفى محمد.

أطوار الدلالات في اللغة العربية

وكي يزيد الأمر وضوحا فإنك حينما ترجع إلى الأطوار الأولى من الدلالات حيث نشأت مثلا في فقه اللغة عند الثعالبي تجد لفظة مثل ورطة تعني في المعنى الأصلي لها أنها بركة الطين التي تقع فيها الدابة ولا تستطيع الخروج، هذا لغة أما من حيث السياق اليومي نرى الاصطلاح ينتهي بها في مصلحة الأزمة والأمور العسيرة التي تحيط بالمرأ من شتى الجوانب.

معنى الكلمة في اللغة العربية

وحسبنا بتعدد السياقات الاصطلاحية الظن أن الكلمة في موضعها تعني كل ما وردت فيه، فإن الكلمة في موضعها لا تعني سوى ما يوجهها فيه تيار السياق لا غير، ويقول فندريس: ” إننا حينما نقول أن لإحدى الكلمات أكثر من معنى واحد في وقت واحد نكون ضحايا الانخداع إلى حد ما، إذ لا يطفو في الشعور من المعاني المختلفة التي تعنيها الكلمة إلا المعنى الذي يعينه سياق النص، أما المعاني الأخرى فإنها تتبدد ولا توجد إطلاقا فنحن في الحقيقة نستخدم ثلاثة أفعال مختلفة عندما نقول “يقص الخياط الثوب”، أو”الخبر الذي يقصه الغلام صحيح”، أو “البدوي خير من يقص الأثر”، … فإني لا أستعمل في الواقع إلا ثلاث كلمات لا يربطها ببعضها البعض أي رباط، لا في ذهن المتكلم ولا السامع”.

اللغة العربية والعصر الإسلامي

وعلى نحو أعم تقوم اللفظة بمعاشرة العديد من السياقات بروافدها الأولى التي نشأت في ظلالها، ومعناها الجديد يوجه دفته التيار السائد في الحقبة التي ترد فيها في سياق معين، لذا؛ فإن في اللغة العربية سنجد اللفظ في العصر الجاهلي يقع تحت طائلة البداوة قليلا متطبعا بإعراف القبيلة غالب الوقت وترتبط بإخلاق العربي، وفي العصر الاسلامي نجدها تقع تحت معطيات جديدة وتستمد ظلالها من القرآن الكريم و السنة النبوية وهذب ما فيها من الشوائب، كذلك في عصر بني أمية عصر التشيع والتحزب السياسي، والعباسي عصر تدوين اللغة والعلوم والفنون الذهبي… إلى اخره من التيارات السائدة، وإن في تتبع لفظة كالأدب لعبرة وآية على ذلك.

المعنى اللغوي للمادة

وبعد هذه الدورة تجد اللفظة مدونة في المعجم على أن المعنى اللغوي للمادة تعنى كذا، ثم يورد السياقات التي وردت فيها بتفصيل دلالتها في هذا السياق وذاك، وقد عني علم الصرف كثيرا بمسألة تجريد الكلمة من بقاياها السياقية وردها إلى البذرة الأولى، كأن ترد لفظة “مأدبة” بعد الاختزال إلى “أدب” على وزن فَعَل، وتشرع بعد ذلك أنت في تناول الدلالات التي يمكن الوقوف عليها من الأحرف الثلاثة لها.

وبعدها أيضا، نجد اللفظة في تلك اللحظة تمثل عالما وكيانا خاصا تحتوى فيه على اثنتين:

– المعنى الأصلي.
– المعاني الهامشية والملابسات التي في ظلاله.
فخذ مثلا حينما افتتحنا الفصل بلفظة مثل (قيصر)، وعلمنا أن المعنى الأصلي اللغوي لها مشتق من القطع والشق، هذه واحدة ثم اشتهر امبراطور عظيم في روما اسمه أغسطس فاكتسب معنى هيبته وعظمته، هذه الثانية، ثم شاع انتشاره كلقب للأباطرة الرومان في حقبة زمنية فاكتسب دلالتين:جغرافية وسياسية، هكذا أربع، ثم جرى مجرى التباهي في مجالات عدة لتدل على تفرد شخص فيها وفي أحد الفنون وهذه الخامسة، ثم هناك دلالة ولدت من المعنى الأول في عرف الطب وهي الولادة القيصرية وهذه السادسة.

عصور اللغة العربية

بذلك تصل الكلمة في عصر معين من عصور اللغة وتحت لفظها خبرة دلالية شاسعة تحطها في مصافة الرقي وتجعل لها ثقلا دلاليا يصقل المعنى ويفتح آفاقا جديدة تضيء في النص فكلما مر على ذهن المتلقي استنبط منه، فتغدو الكلمة مدينة دلالية لا تنطفئ أعمدتها، ومن ثم متى تضع اللفظة في سياق ما تؤدِ.

أمثلة
الطور الأول
المعاني السياقية الأخرى
معنى لغوي
معاني اصطلاحية

1 – لحن
لهجة
انحراف
خطأ في اللغة
موسيقى
لهجة
موسيقى – انحراف – خطأ لغوي

2 – أدب
مأدبة الطعام
تهذيب
تعليم
التدوين باللغة
مأدبة الطعام
التدوين باللغة – التهذيب – التعليم

3 – خرافة
اسم رجل
الحديث المكذوب
فساد العقل
التحدث بما لا يعقل
اسم رجل
الحديث المكذوب – فساد العقل – التحدث بما لا يعقل.

 

إقرأ أيضا