الكاتبة إنجي الحسيني تنشر نقدها لكتاب ملاحم الكوماندوز

الكاتبة إنجي الحسيني تنشر نقدها لكتاب ملاحم الكوماندوز
الكاتبة انجي الحسيني
https://www.sba7egypt.com/?p=234730
شيماء اليوسف
موقع صباح مصر
شيماء اليوسف

تشرفت بلقاء الكاتب والمؤرخ “محمد الشافعى ” رئيس تحرير مجلة دار الهلال فى مكتبه بمؤسسة دار الهلال، والتى تعد أقدم المؤسسات الثقافية والتى ضمت عمالقة الفكر والأدب في مصر والعالم العربي .
وجدت الشافعى رجلًا بشوشًا فى استقباله، متواضعًا، جم الثقافة والنشاط ، وبمجرد أن بدأ بالحديث أخبرت نفسي بأن “هذا رجل يجب الإنصات له”، فإلى جانب ثقافته العالية فهو يتميز بخفة دم تلقائية تنزع من قلبك الضحكات العالية، إلا أن أكثر ما يتميز به الشافعى هو وطنيته التى لا يمكن الأختلاف عليها رغم أختلافي معه لكونه ناصرى من النوع الصميم.
وقد لفت أنتباهى هو حرص المؤرخ محمد الشافعى على تسجيل بطولات وانتصارات ظلت فى خانة الظل فترات طويلة وخاصة فى فترة حرب الأستنزاف، وكذلك تسليط الضوء على أبطال قاموا بتضحيات تستحق الأشادة أثناء حرب أكتوبر 1973.
أهدانى الشافعى فى إحدى المرات كتابه “ملاحم الكوماندوز”، حيث قدم بالصفحات الأولى استعراضًا سريعًا ودقيق لتاريخ مصر، كما شرح باختصارمعنى الكوماندوزوالتى عرفها بأنها : “القوات الخاصة ” والتى تختلف أسماؤها باختلاف كل بلد، فهى فى أميريكا (رينجرز) وفى بعض الدول العربية (المغاوير) أو (النخبة) وفى الكيان الصهيونى الكوماندوز البحرى والمظلات (شاطيط) وفى مصر تتنوع القوات الخاصة ما بين الصاعقة والمظلات، حيث نشأت قوات الصاعقة المصرية فى فبراير 1957 بعد دفع عدد من ضباط المظلات والمشاة للحصول على دورات الرينجرز بأمريكا.
وبعد المقدمة التاريخية والتعريفية، بدأت بالقراءة فى عالم الأبطال أو العالم الذى يعيش بين طياته الكاتب، وهم سبعة عشرة بطل جاءوا بالترتيب على النحو الآتى:
الشهيد عصام الدالى، لواء معتز الشرقاوى، القبطان نبيل عبد الوهاب، اللواء عدلى عطية، اللواء حامد فتوح، اللواء أحمد أسامة إبراهيم، اللواء مجدى شحاته، اللواء عبد الحميد خليفة، لواء حمدى شلبي، العميد محمد الشربينى، اللواء سامى فضل، اللواء نبيل أبو النجا، اللواء نصر سالم، الرائد سمير نوح، البطل محمد المصرى، البطل محمود الجلاد، الشهيد عقيد إبراهيم عبد التواب.
والحقيقة أن سيرة هؤلاء الأبطال لم تكن لتحفظ فى سجل التاريخ ويتذكرها القارئ المهتم بالمعرفة، إلا إذا وجدت من يقدرإنجازاتهم وبطولاتهم التى بذلوها من أجل مصر، وهنا يأتى دور الشافعى متصدرًا بقلمه الأسماء التى سجلت بكتاباتها تاريخ مشرف لأبطال وشجعان يفخر بهم الوطن.
كنت قد وعدت االشافعى بالكتابة عن مؤلفه، ولكننى أحترت ما بين الكتابة عن الكتاب أم عن صاحبه، حيث يقوم الشافعى بدور وهدف ورسالة تستحق الأحترام، فهو حريص كل الحرص على انعاش ذاكرة التاريخ ببطولات حقيقية غير مزيفة لرجال لا يمكن الأختلاف عليهم وبعضهم لم ينل التكريم الذى يستحقه مثل العميد محمد الشربينى والكتيبة 83 صاعقة، وكذلك اسم البطل محمد المصرى الذى لم يحظى بالتكريم اللائق بعد انتهاء حرب أكتوبرحيث تم تدارك ذلك فيما بعد عندما دعاه الرئيس السادات للغداء معه بمنزله بصحبة المشير أحمد إسماعيل وحصل بعد الزيارة على نجمة سيناء من الدرجة الثانية.
نفس الدور الذى يستوجب على القوة الناعمة أن تقوم به عندما تعرض بطولات هؤلاء الرجال من خلال أعمال فنية تحيي الروح الوطنية وتعمق الأنتماء عند الشباب فى ظل زمن تزايدت فيه اتهامات الخيانة والعمالة وكثر فيه أصحاب الأجندات والمصالح.

وبين الأبطال واعمالهم تساءلت لما لا يقدم الفن والقائمين عليه بطولات حقيقية لأسماء حقيقية لا من وحى الخيال وكما يقول الشافعى : “فأبطال الصاعقة قاموا بأعمال بطولية تتقاذم أمامها أفلام هوليود ، فأعمالهم البطولية أذهلت العدو وتوقف أمامها كل خبراء العسكرية فى العالم بالتقدير والأحترام”.
ومن يطالع ملامحم الكوماندوز لن يتخيل أن المصرى الراغب فى الدفاع عن وطنه يحمل تلك القدرات الخارقة مثل الحكاية الشهيرة للقبطان “نبيل عبد الوهاب” والذى رفض ترك جثة البطل “فوزى البرقوقى” الذى أستشهد أثناء تفجيرهما للمركبة “هيدروما ” والموجودة بميناء إيلات، حيث سبح البطل نبيل عبد الوهاب فى وسط الخليج ومعه جثة رفيقه الشهيد أكثر من 14 كيلو حتى وصل إلى الشاطئ الأردنى، وهناك ملحمة أخرى للبطل اللواء “سامى فضل” والذى أشترك فى أول عملية خاصة ضد العدو قبل تخرجه بشهرين حيث تم تدمير ثلاث دبابات للعدو وقتل خمسة عشر من جنوده حيث حصل على نوط الشجاعة تقديرا لشجاعته، كما كان قائدا للكتيبة 143 إبان حرب أكتوبر والذى أستطاع محاصرة العدو فى وادى سدر لمدة سبعة عشر يومًا ومنع الإمدادات عن العدو طيلة تلك الفترة على الرغم من تعرض سريته للضرب مرتين يوميًا طيلة تلك الفترة بعد قتل القائد الصهيونى “مندلر” والأستيلاء على الخرائط والوثائق التى كانت بحوزته، وأثناء تحصن سرية البطل سامى فضل بالوادى سقط ستة عشرة شهيد منعوا العدو من التقدم و اقتحام الوادى حتى جاءت الأوامر بالتحرك للأنضمام للقوات الرئيسية.

ملاحم عديدة يعج بها الكتاب، إلا أن الشافعى كان موفقًا أيضًا حين أبرز جانب آخر من شخصية هؤلاء الأبطال، عندما تحدث عن البطل “إبراهيم عبد التواب” قائد الكتيبة 603 فى حرب أكتوبر، والذى وصفه الكاتب بأنه نموذج وقدوة فى بث روح المقاومة فى كل رجاله حيث حرص على تقدم الصفوف عند مواجهة العدو، وكان يقف إمامًا ليصلي الصلوات الخمس ويخطب فيهم لصلاة الجمعة بكلمات تملأ النفوس والعقول بالقوة واالصمود لتحقيق الدعم النفسي للجنود، كما كان يقوم بتوزيع الطعام بالتساوى على الأفراد نظرا لقلته وإذا لاحظ أن أحدهم مازال جائعًا فيتنازل له عن نصيبه رغم احتياجه له.
هكذا كانت أخلاقيات أبطالنا كما كتب الشافعى والذى برزت ملامحه من خلال مؤلفه، فهو لا يقل وطنية وتواضع عن أبطال الماضي حيث وضع لنفسه هدف لم يحيد عنه أبدًا، وهو تخليد تلك الأسماء والبطولات وإزاحة التراب عن أعمال قد ُتدرج طى النسيان ولا تذاع إلا فى المناسبات الوطنية، ولكن الشافعى العاشق لتراب هذا الوطن أخذ على عاتقه مسئولية تذكيرنا بأهم الأحداث والأنتصارات ومستفيضًا

ومستفيضًا بما لديه من معلومات عن تواريخ لا يمكن نسيانها حتى كونت تاريخا نعتز ونتشرف به.

كتاب يؤرخ أسماء الأبطال

“ملاحم الكوماندوز” كتاب يؤرخ أسماء أبطال قدموا أرواحهم فداء للوطن ويؤرخ بطولات تستحق التدريس والتذكير من خلال قلم كاتب صاحب رسالة وهدف نبيل، أستطاع ربط اسمه بأسماء أبطال صنعت انتصارات وسيرة عطرة بقت محفورة على جدران الزمن، فالبطل الحقيقي لا يتحدث عن نفسه كما يقول الشافعى ولكن تتحدث عنه أفعاله وتضحياته كما جاء بكتابه، وكما يجب أن نتحدث عن الملامح الوطنية لصاحب الكتاب .

 

إقرأ أيضا