كان جحا جاهلاً بالحساب وأراد أن يحسب أيام شهر رمضان بكل دقة فخطر له أن يشتري جرة وأن يضع فيها عن كل يوم يمضي من هذا الشهر حصاة كل لا يغلط في حساب الأيام ولا يتكل في أيام صومه على حساب الناس.
لم تمض بضعة أيام حتى لاحظت ابنته الصغيرة ما يفعله والدها، فدفعها حب التقليد إلى أن تخفف عن والدها هذا العمل، فأتت من الحصى بما يملأ يدها وألقت بها في الجرة، فجاء يوم اختلف فيه بعض زائري جحا، على عدد الأيام الماضية من الشهر فقال لهم: انتظروا إني سوف آتيكم بالقول الفصل.
دخل جحا داره وأفرغ ما في الجرة فبلغ عدد الحصى مائة وعشرين واحدة، فاستعظم العدد وقال: لو صدقتهم عن العدد لحسبوني “أبله” ولكني أقسم العدد إلى قسمين ثم خرج وقال لهم: هذا هو اليوم الستون من السهر.
ضحكوا جميعاً وقالوا له: ومتى كان الشهر يزيد على الثلاثين؟ قال: أف لكم أنصفتكم فما بالكم تهزأون؟ لو كنت قلت لكم الحقيقة على حساب الجرة لكان هذا هو اليوم المائو والعشرين من الشهر فاقتنعوا بما قلت فإنه خير لكم.