احتلت الحرف والصناعات الشعبية التقليدية وأصحابها مكانة خاصة في الحياة والثقافة المصرية منذ أقدم العصور، فقد كانت هناك آلهة للحرف والصناعات في مصر القديمة مما لا تزال نجد له آثاراً متعددة في ثقافات أهل هذه الحرف على نحو أو آخر إلى وقت قريب فكل حرفة تنسب إلى نبي أو إلى ولي يعتقد أنه شيخ هذه الصنعة، فينتسب النساجون والخياطون إلى إدريس النبي، والصيادون إلى يونس النبي.
تعتبر دراسة الأزياء الشعبية الخاصة بالحرفيين منذ العصور الفرعونية القديمة مرآة صادقة لجغرافيا مصر، وكذلك لعادات وتقاليد وثقافة أهلها فمن تلك الأزياء نستطيع ان نتعرف بصورة واضحة على الحرفيين.
كانت لكل طائفة حرفية تراثها الخاص المميز وهي إن كانت تشارك بقية المجتمع الكبير الذي نعيش فيه جانباً من تراثه وحياته إلا أنها تنفرد مع ذلك بجانب آخر يميز أفرادها ويحرصون على تناقله جيلاً بعد جيل.
زي الخباز
تعتبر مهنة الخباز من المهن القديمة التي يرجع تاريخها إلى العصر الفرعوني، وعندما نلقي نظرة على النقوش الكثيرة التي تركها المصري القديم على جدران المعابد والمقابر نجد أن الخباز قد حظي باهتمام كبير فقد استطاع الفنان الشعبي بخطوطه الدقيقة أن يعطي صورة حية واقعية للحركة والانفعال المطلوب لأداء كل جزء من هذا العمل، وأمامنا صورة تجمع تسلسلاً لجميع مراحل إعداد الخبز عند المصري القديم وجميعهم يرتدون النصفية المروحية الاخناتونية.
اختلفت هذه الصورة في عهد الحملة الفرنسية فكان يوجد في مصر كثير من الأفران العمومية يذهب إليها كل فرظ مرتين عادة لإنضاج خبزه، وذلك قبل موعد الطعام ويثوم الفران بإدخال الخبز إلى الفرن ورص الأرغفة فيه كلما حمله الناس إليه ليرد إليهم تاج النضج.
تختلف ملابس الخباز في الريف المصري أثناء الحملة الفرنسية عن ملابس الخباز المصري في العصر الفرعوني، وكان زي الخبازين أثناء الحملة الفرنسية عبارة عن جلباب طويل ومن أعلاه ما يشبه بالعباءة التي يلتف بها حول الكتفين والذراعين مفتوحة من الأمام ويظهر الجلباب من أسفلها ويرتدي عمامة كبيرة حول الرأس، وفي القدمين يرتدي البلغة أو يرتدي الخباز شكلاً أبسط من ذلك عبارة عن جلباب طويل يصل إلى نهاية القدن وينتهي الذيل باتساع وله فتحة رقبة على شكل حرف v وبأكمام طويلة واسعة ترفع إلى أعلى عند الكوع وعلى الرأس عمامة كبيرة.
مع مرور الزمن أصبحت ملابس الخباز في القرى الريفية لا تتعدى الجلباب الإفرنجي وفي القدمين شبشب، أو يرتدي الشاب بنطلوناً وقميصاً، وفي الغالب يكون متوارثاً هذه المهنة عن والده.
