هل تأثر دانتي بـ رسالة الغفران للمعري ؟

يعود للمستعرل الإسباني الكبير ميغيل أسين، فضل الإشارة لأول مرة في الدراسات المعاصرة إلى أن الكوميديا الإلهية ل”دانتي” قد استندت إلى التصورات الإسلامية الصرفة لمسألة المعاد والمعراج الإسلاميين فهو يرى ضمن عنايته الخاصة بالبحث عن الأصول وولعه بتتبع التأثيرات والمؤثرات أن الكوميديا الإلهية ل”دانتي” لا ترجع إلى محاكاته أو تعامله مع أفكار أو معتقدات أو أساطير ثقافته الأصيلة ولا إلى مجرد قدحه لزناد خياله الخلاق، بل إلى تقليده لنماذج إسلامية صرفة للمعراج والمعاد.

هناك من الباحثين المعاصرين من مستعربين وغيرهم من يشير صراحة إلى تأثر دانتي بأبي العلاء المعري في كتابه “رسالة الغفران” التي يبدو أنه اطلع عليها مترجمة إلى اللاتينية في فترة تاريخية كانت فيها حركة الترجمة في إسبانيا الإسلامية نشطة إلى بعض اللغات الأوروبية.

يبدو أن مجرد حديث بلاثيوس عن تأثى دانتي ب “غفران” المعري وهب هذا الكتاب شهرة مستجدة لم يعرفها في اللغة العربية قديماً ولا حديثاً فالقدماء اهتموا بالمعري الشاعر المتأمل أو الفيلسوف لا بالمعري الناثر صاحب عدد من الكتب النثرية، ومنها “رسالة الغفران”.

لم تكن رسالة الغفران تتميز في نظرهم عن باقي رسائل المعري كرسالة الملائكة أو رسالة الإغريق، وقد ذكر الذهبي في ” تاريخ الإسلام” وضمن تعريف القدماء أنها احتوت على مزدكة واستخفاف وفيها أدب كثير، من دون أن يحدد معنى كلمة المزدكة أو يشرح ما يقصد بالاستخفاف.

لكن قبل البحث فيما إذا كان من أثر للمعري وغفرانه، في الكوميديا الإلهية لابد من الفصل في نقطة جوهرية تتمثل فيما إذا كان دانتي، قد اطلع على ترجمة لكتاب المعري.