كيف تأثرت الثقافة الأوروبية بفلسفة ابن رشد ؟

كيف تأثرت الثقافة الأوروبية بفلسفة ابن رشد ؟
الثقافة الأوروبية
https://www.sba7egypt.com/?p=182503
شيماء اليوسف
موقع صباح مصر
شيماء اليوسف

كان الفيلسوف الراحل ابن رشد، ثالث الفلاسفة الأندلسيين فقد فضل أن يخوض معركة الدفاع عن الفلسفة وأن يواجه خصومها في العلن، وهذا الموقف البطولي فرض عليه أن يكون هو المغترب الأكبر، ولهذا يستعرض “صباح مصر” تأثيى ابن رشد على الثقافة الأوروبية.

 

تم حرقت مؤلفات ابن رشد، ونفي عن بلاده ثم تغرب مرة أخرى عندما انتقلت أعماله إلى أوروبا مترجمة إلى اللاتينية وكان له فيها أتباع يوصفون بأنهم “رشديون لاتينيون” وخصوم عتاة من علماء اللاهوت، على رأسهم القديس توماس الأكويني، وهناك تضاعفت غربة الفيلسوف العربي بعد أن تنكر له الأوروبيون ورموه بأشنع التهم وأساءوا فهمه عن قصد أو غير قصد وأغفلوا في النهاية ذكره وتجاهلوه.

يرجع المصير السيء الذي لقيه ابن رضد في بلاده وفي أوروبا على السواء يرجع أساساً إلى ضرحه على مؤلفات أرسطو.

كان ابن رشد يريد أن يثبت ألا تعارض بين الفلسفة والشريعة الإسلامية وقد اعترف في فصل المقال بأن بعض أوجه التباين تظهر على السطح أحياناً، وأن الأمر يقتضي عندئذ اللجوء إلى التأويل أي تفسير نصوص الشريعة على نحو يكشف عن حقيقتها أو باطنها.

لم يطلق ابن رشد الشارح الذي فصل بين الإيمان والعلم لم يطلق حركة استقلال العلم فقط، بل دفع أيضاً العقول الأوروبية في طريق العمل فقط، بل دفع أيضاً العقول الأوروبية في طريق العمل على اثبات تعدد الأفراد فلم يكن الحل الديكارتي القاصر آخر الحلول بل تعددت الاستجابات للمعضلة الرشدية وكانت هناك حلول أخرى أفضل وهو ما يثبت أن تأثير ابن رشد امتد وكان فعالاً عبر القرون وقد كانت المعضلة التي طرحها في القرن الثالث عشر بمنزلة المخاض العسير لفكرة الفرد الذي لا يوجد إلا في مجتمع الأفراد.

أتاحت غلبة الشرح والجدل في برنامج ابن رشد وضيق المكان المخصص للبناء المنظم لكل من أتباعه الرشديين اللاتينيين، وخصومه علماء اللاهوت المسيحيين، في أوروبا فرصة قراءته قراءة جزئية وتبسيطه تبسيطاً مخلاً عن قصد أو غير قصد وهو ما استغل في تشويه سمعته واستبعاده في النهاية من الذاكرة الجماعية.

وقد قصروا انتباههم بصفة عامة على آرائه في مجال النقد وإبراز التباين بين الفلسفة والشريعة وأغفلوا جهوده الإيجابية البناءة أي إنهم ركزوا على الجزء الجزء المخصص في عمل ابن رشد للفصل بين العلم والإيمان وأغفلوا الجزء المخصص لوصل الطرفين.